لاشك أن الأطفال هم زينة الحياة الدنيا وأن كل زوجين يتمنيان منذ اللحظة الأولى في حياتهما الزوجية أن يرزقهما الله تعالى الذرية الطيبة وأن يمن عليهما بالحياة الأسرية السعيدة الهانئة، وعلى الرغم من حنين المرأة لإحساس أن تكون أمّا وتمارس مشاعر الأمومة الفطرية التي تولد بها، إلا أن الرجل يكون بدوره شديد الحرص على بناء الأسرة لأن هذا يشعره بدرجة الإستقرار الحقيقية في الحياة ويشعر أن عمره له رسالة يسعى إلى تحقيقها مع أبنائه.
في بعض الأحيان يبتلي الله تعالى الرجل والمرأة بإبتلاء حقيقي مبين يتمثل في أن يكون الزوجان غير قادرين على الإنجاب، وعلى الرغم من أن الشرع والعرف والواقع يمنحان المرأة الحق في أن تنفصل عن زوجها الذي يثبت أنه غير قادر على الإنجاب لتتزوج من إنسان آخر لكي تعيش مشاعر الأمومة، إلا أن الزوجة يمكن أن تفكر في هذا الأمر من خلال منظور آخر.
لا يمكن إنتظار تضحية من الزوجة من أجل زوجها في هذا المجال بحيث تتحمل الحرمان من إحساس الأمومة والإكتفاء بتمضية رحلة العمر مع هذا الزوج العقيم، لو كان زواجهما زواجاً تقليدياً لم يبنى على مشاعر الحب والتوافق الوجداني والفكري والقلبي، لأن المرأة في مرحلة إختيار الزوج لو كانت قد قبلت بأن تتزوج بناء على معايير جامدة محددة لا ترتبط بحالة من الإنسجام الكامل والتوافق عالي المستوى في المشاعر والأحاسيس والأفكار والطباع والروح والخلفيتين الثقافية والإجتماعية، فإن هذه المرأة بعد أن تكون زوجة وحتى لو أصبحت في حالة من المودة والرحمة مع هذا الزوج إلا أنها ستكون راغبة في أن تصبح أمّا وأن تعيش مشاعر الأمومة.
على الجانب المقابل فإن المرأة التي تتزوج بناء عن حالة توافق حقيقية في المشاعر والروح والتفكير، المرأة التي عندما تتزوج تعيش في زواجها قصة حب حقيقية شاملة وصادقة مع زوجها فهي تعتبر أنه ليس مجرد رجل تتعامل معه وفق معايير وأسس وقواعد تقليدية معينة بل هي تشعر أن هذا الزوج يملك روحها وكيانها ويتجاوب مع عاطفتها ويملأ كل لحظات حياتها بالحب والعاطفة والحنان، هو ليس مجرد زوج وإنما هو الحبيب الذي يستطيع أن يحرك مشاعرها ويذيب قلبها، هذا الزوج هو الذي يستحق أن تضحي المرأة من أجل إستمرار الحياة معه.
الزوج الذي إستطاع أن يكون بالنسبة لزوجته الحبيب والصديق والأب والابن في وقت واحد، هذا الرجل هو الذي لا يمكن للمرأة أن تتخيل حياته من دونه، وهو الرجل الذي لا تسمح المرأة بأن تعيش ولو يوماً واحداً بعيدة عنه، ولا يمكن أن تبدأ حياتها من جديد بعد أن تفقده لأنه ملك فؤادها وأصبح بالنسبة إليها أغلى من كل أطفال الدنيا.
وفي حالة الزواج التقليدي والحياة الزوجية القائمة على الحقوق والواجبات المجردة الخالية من العواطف والمشاعر الجياشة فمن الصعوبة بمكان تصور الزوجة وهي تتخلى عن حلم تتمناه كل أنثى يتمثل في أن تكون أمّا تمارس الأمومة وتحتوي أطفالها وتربيهم وتعيش معهم لحظة بلحظة.
الكاتب: أحمد عباس.
المصدر: موقع رسالة المرأة.